د. أكرم حمدان_خاص "الأفضل نيوز"
يطل علينا بين الفينة والأخرى "أوركسترا" بقيادة الزعيم الاشتراكي البيك وليد جنبلاط، لتطرح علينا التخلي عن هويتنا وأرضنا وتاريخنا وحاضرنا ومستقبلنا، عبر الزعم بأن مزارع شبعا كانت وستبقى سورية، وللمفارقة فإن هذا الطرح ينام في أدراج ومخيلة البعض ليعود ويصحو من جديد كلما زار لبنان والمنطقة مبعوث غربي أو أميركي تحديداً ليتقاطع مع طروحات وعروض علنية وسرية تناقش هنا وهناك.
وللتذكير، فإن هذا الطرح ذكر به جنبلاط نفسه عندما زار دمشق لتهنئة الرئيس أحمد الشرع بتولي القيادة في سوريا، ثم أعيد طرحه في محادثات مغلقة جرت في الرياض بين وزيري الدفاع اللبناني والسوري، وأعيد الآن عبر المؤتمر الصحافي لجنبلاط الذي تزامن مع "مانشيت" إحدى الصحف المحلية المرموقة التي تساءلت تحت عنوان:ماذا لو أعلنت سوريا أن مزارع شبعا سورية ؟ وليس بعيداً يخرج رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ليحذر أهل الجنوب من الاقتراب من مزارع شبعا.
فهل هناك من يريد أن يتخلص من لبنانية مزارع شبعا ويتخلص منا نحن أبناء شبعا ومزارعها؟
هناك الكثير من الأسئلة وعلامات الاستفهام حول هذه المواقف ولكن قبل طرحها، لا بد من الإشارة إلى ما يتم تسريبه وتداوله حول ما حمله الموفد الأميركي توم باراك تحت عنوان ما سمي بـ"ورقة العمل الأميركية" والتي تتعلق بمختلف جوانب الملف اللبناني ومنها موضوع الحدود البرية من الشمال والشرق إلى الجنوب.
وعطفاً على المعلومات المتداولة حول تحضير الرؤساء الثلاثة رداً لبنانيًا رسمياً موحداً على ورقة أو مقترحات باراك، فإني كمواطن من بلدة شبعا وأحد أصحاب الأملاك في مزارع شبعا أولا، وكمراقب وصحافي ثانياً وأكاديمي وأستاذ جامعي ثالثاً، أسجل جملة من الملاحظات والأسئلة حول هذا الملف.
أولا:أود معرفة حقيقة موقف كل من رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون(الذي يعرف مزارع شبعا وبلدة شبعا جيداً) وموقف رئيس الحكومة القاضي نواف سلام الذي يُفترض أنه يعرف أيضاً تلك المنطقة، سيما وأنه في كل مرة يتم تناول هذا الملف، يشهد الموقف الرسمي للسلطة والدولة صمتاً مريباً، مع علمي بالموقف الحاسم لرئيس مجلس النواب نبيه بري حول لبنانية المزارع.
ثانياً: أتساءل لماذا يُصر السيد وليد بك جنبلاط على تصدر المطالبين بالتخلي عن أرضنا ومحاولة نزع هويتنا اللبنانية، ومحاولة إيجاد شرخ بيننا وبين جيراننا في منطقة حاصبيا ووادي التيم؟
ثالثاً: لقد مللنا من كثرة الإيضاحات والوثائق التي أرسلناها للسيد جنبلاط ولغيره والتي تبين وجود سندات ملكية مسجلة في الدوائر العقارية اللبنانية في صيدا بأسماء أبناء شبعا، وعشرات المراسلات الرسمية بين لبنان وسوريا منذ أربعينيات القرن الماضي التي تؤكد لبنانية المزارع، إلى جانب محاضر اللجان العقارية المشتركة والوثائق المثبتة.
رابعاً:هل كانت موافقة السيد جنبلاط وغيره ممن يُشكك بلبنانيتنا، خلال طاولة الحوار عام 2006 في مجلس النواب، وبالإجماع على لبنانية المزارع، من باب المناورة أو ماذا؟
خامساً:هناك الكثير من الدراسات في القانون الدولي وخصوصاً الدراسة التي أعدتها الدكتورة في القانون الدولي ماري غنطوس، تُثبت لبنانيتنا ولبنانية المزارع ولسنا بحاجة لأي إجراء سوى انسحاب الاحتلال من أرضنا تطبيقاً للقرار 425.
سادساً:أدعو القادة والسياسيين إلى الإطلاع على أرشيف الراحل الكبير والدبلوماسي المخضرم والصحافي غسان تويني وماذا قال وكتب عن لبنانية هذه الأرض.
سابعاً: للأمانة والموضوعية، إن أول من اخترع نكتة "مزارع شبعا سوريا" هو المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة تيري رود لارسن الذي حاول تبرئة ذمة إسرائيل عام 2000 لجهة تنفيذ انسحابها من الجزء الأكبر من الجنوب، لكن لبنان الرسمي حينها برئاسة الرئيس إميل لحود ورئيس الحكومة الراحل سليم الحص (طيب الله ثراه)، سجل تحفظ لبنان على هذه النكتة ومحاولة إبراء ذمة إسرائيل في ملف مزارع شبعا ونقاط أخرى لا تزال محتلة.
ثامناً:من باب الأمانة العلمية والأكاديمية أيضاً، لا يحق وليس للأمم المتحدة أي دور أو علاقة في تحديد الحدود بين الدول، وبالتالي إذا أراد الرئيس السوري السيد أحمد الشرع أن يتبنى تمنيات البعض هنا وهناك، فالمطلوب موافقة لبنان الرسمي وقبل ذلك مطلوب موافقة أصحاب العلاقة، أي أصحاب الأرض في مزارع شبعا وهذا لن يحصل.
تاسعاً وأخيراً حالياً: المطلوب من الرؤساء الثلاثة اتخاذ موقف حاسم تجاه هذه القضية، واعتبار أي موقف ينطوي على التخلي عن جزء من الأرض والسيادة الوطنية يرقى إلى مستوى الخيانة العظمى، فمن يريد التبرع بأرض للغير، فليتبرع بأملاكه الخاصة، وليس بأملاكنا نحن أبناء شبعا ومزارعها.
وللحديث تتمة....