كريستال النوّار - خاصّ الأفضل نيوز
نسمع كثيراً في الأيّام الأخيرة عن ارتفاعٍ ملحوظ بحالات التهاب الأمعاء، وقد انتشرت أخبار حذّرت من تناول مأكولات معيّنة لأنّها تزيد من خطر الإصابة بالعدوى نتيجة انتشار فيروس "الروتا" بشكلٍ واسع في لبنان. فما صحّة هذا الأمر؟ وما مدى دقّته؟
عموماً، تزداد حالات التهاب المعدة والأمعاء الفيروسي خلال الصيف مع ارتفاع درجات الحرارة، وذلك بسبب عوامل عدّة أبرزها تكاثر البكتيريا والفيروسات بشكلٍ أسرع في الطّقس الحارّ ما يزيد من خطر تلوّث الأطعمة والمشروبات. كما أنّ البعض يُمكن أن يُعاني من ضعف في الجهاز المناعي في هذه الفترة، الأمر الذي يجعلهم أكثر عرضة للإصابة بالعدوى ومضاعفاتها الحادّة.
إلا أنّ الأخبار التي انتشرت أخيراً والتي حذّرت من تناول البوظة، البطيخ، الشاورما، البقدونس، وشرب المياه غير المأمونة، قد تكون غير دقيقة...
لماذا؟
يقول الإختصاصي بأمراض الجهاز الهضمي د. أنطوني زعرور إنّه خلال موجات الحرّ وبداية فصل الصيف، أو حتّى الخريف مع دخول الأطفال إلى المدارس، تكثر الإصابة بحالات التهاب الأمعاء بسبب فيروسات عدّة وليس الروتا فقط، لافتاً في حديثٍ لموقع "الأفضل نيوز" إلى أنّ الروتا هو أحد الفيروسات التي تسبّب الإسهال والنزلة المعويّة وهناك الجراثيم أيضاً مثل السالمونيلا وغيرها.
أمّا في ما يتعلّق بالخبر المنتشر عن "الروتا" والأطعمة التي يُحذّرون منها والمذكورة أعلاه، فيؤكّد د. زعرور عدم دقّة هذا الأمر، موضحاً أنّ فيروس الروتا موجود في لبنان شأنه شأن الفيروسات الأخرى ولا داعي للهلع أو لرفع درجة التّحذير وتهويل النّاس.
وإذ يُشدّد على أنّ "كلّ شيء طبيعيّ وما من سببٍ للخوف فهذه الأمور شائعة وليست أمراً غريباً أو فريداً لم يحصل من قبل"، يلفت د. زعرور إلى ضرورة تدارك الوضع فور ظهور العوارض المُنذرة بالإصابة بالتهاب الأمعاء تفادياً لتطوّر الحالة والإصابة بجفاف الجسم. ويقول: كلّ ما يجب فعله هو تدارك الوضع فوراً من خلال شرب السوائل "قدّ ما فينا" لتعويض ما خسره الجسم؛ وهنا يُمكن اللجوء إلى السوائل الطبيعيّة التي يتمّ تناولها في المنزل وهناك سوائل يُمكن شراؤها من الصيدلية تحتوي على معادن طبيعيّة من بوتاسيوم وماغنيسيوم وأملاح تؤخذ من الفم أيضاً، كما يُمكن تزويد الجسم بالسوائل المُفيدة من خلال وضع مصل، مع تناول أدوية لخفض الحرارة وأدوية لتحفيف آلم البطن. وتتراوح مدّة العلاج بين 3 إلى 5 أيّام أو أسبوع على الأكثر.
ما هي العوارض؟
يُعدّد الطّبيب أبرزها كما يلي: الإسهال، المغص، القيء، ارتفاع حرارة الجسم والتّعب العام.
أمّا عن الوقاية، فينصح د. زعرور بتجنّب المطاعم المكتظّة وغير النّظيفة والإنتباه للمكان الذي نتناول فيه الطّعام، والتأكد من أنّ طهي الأطعمة جيّداً خصوصاً الدجاج وتفادي تناول الأطعمة النيئة، وتناول المياه في المطاعم من العبوة مباشرةً وليس الكأس لأنّه قد يكون ملوّثاً. كذلك، يجب التأكّد من حفظ الطّعام جيّداً في الثلاجة وعدم تعرّضه لانقطاع كهرباء كي يُحافظ على برودته.
والنّصيحة الأهمّ هي غسل اليدين بشكلٍ دوري خصوصاً عندما نكون خارج المنزل، وتعقيم الخضار والفواكه قبل أكلها.
ماذا نعرف عن "الروتا"؟
فيروس "الروتا" هو عدوى مُعدية تُصيب الجهاز الهضمي وتُسبّب التهاب المعدة والأمعاء، وقد يؤدّي إلى إسهال وقيء شديدين، خصوصًا لدى الأطفال وكبار السنّ.
في هذا الإطار، يُشير د. زعرور إلى أنّ "الروتا" ينتقل من خلال المُخالطة بين شخصٍ مصاب بالفيروس وآخر سليم، وينتشر عند ملامسة براز ملوّث بالفيروس، من هنا التّشديد على أهميّة غسل اليدين بشكلٍ متكرّر خصوصاً قبل تناول الطّعام.
اعتدنا في لبنان على التّهويل فور الحديث عن مرض أو فيروس معيّن، لا سيّما في الفترة التي تلت وباء "كوفيد".
اليوم، وبعد الهلع المُنتشر تحت عنوان "الروتا والتهاب الأمعاء"، نعود ونُذكّر أنّ هذه حالات صحيّة شائعة تكثر في الطّقس الحارّ ولا تستدعي أيّ طارئ، إنّما تتطلّب فقط الدقّة في الانتباه إلى العوارض والإسراع في القيام بما يجب تحت إشراف الطّبيب والالتزام بإرشاداته.