عبد الله قمح - خاصّ الأفضل نيوز
كان يُفترض أن يسلّم لبنان أجوبته على الورقة التي قدّمها المبعوث الأميركي المؤقت، توم برّاك، يوم الإثنين الماضي، في الأول من تموز، كما طلب الأخير خلال زيارته إلى بيروت في النصف الثاني من حزيران. غير أن الأجوبة لم تُسلَّم بعد، حتى ساعة كتابة هذه السطور.
رغم ذلك، ثبّت براك موعد عودته إلى بيروت في السابع من تموز، وطلب، عبر السفارة الأميركية، تأكيد مواعيده مع المسؤولين المعنيين. في هذا السلوك ما يشبه الضغط المباشر: من جهة، يفرض تسريع وتيرة العمل اللبناني لإعداد الردود النهائية، ومن جهة أخرى، يبعث برسالة واضحة مفادها أنه جادّ في مهمته ويُصرّ على الحصول على أجوبة.
لكن، وبحسب بعض المطلعين، فإن هذا الإصرار لا يُغلق الباب أمام احتمال تأجيل الزيارة، إذا ما تعذر على لبنان إعداد ردوده في الوقت المناسب. وفي حال حصول التأجيل، قد تجد واشنطن في ذلك مؤشراً على عجز بيروت عن الإيفاء بالتزاماتها، ما قد يدفع الأمور نحو منعطف دقيق.
في هذا الوقت، لا تزال اللجنة المكلّفة من الرؤساء الثلاثة إعداد الردود، تعقد اجتماعات متواصلة في قصر بعبدا. وخلال الساعات الماضية، تسرّب أن اللجنة أرسلت جزءاً من “العصف الفكري” الذي توصّلت إليه إلى حزب الله، عبر قناة رئيس مجلس النواب نبيه بري. وتضمّن هذا الجزء ثلاثة محاور أساسية: ملف السلاح، طبيعة العلاقة مع سوريا، والإصلاحات المالية، وفق الترتيب نفسه الذي اعتمدته الورقة الأميركية.
حتى الآن، لم يصدر عن حزب الله أي ردّ رسمي. لكن جرى فهم أن الرئيس بري يدرس فكرة إعادة “هندسة” الورقة الأميركية. إذ يفضّل، على سبيل المثال، إدراج بنود مستمدة من اتفاق 27 تشرين الثاني الماضي، تتعلق بالانسحاب الإسرائيلي من الأراضي المحتلة، ووقف الاعتداءات، وتحرير الأسرى، على أن تُدرج كبنود أولى في سلّم الأولويات، بينما يُعاد ترتيب بند “السلاح” ليأتي في مرتبة لاحقة، انسجاماً مع الرؤية الواردة في خطاب القسم لرئيس الجمهورية، الداعية إلى التفاهم على استراتيجية وطنية للدفاع.
لكن هذا التعديل المحتمل قد لا يلقى ترحيباً من الجانب الأميركي، الذي قد يرى فيه نوعاً من “التحايل” على روحية الطرح الأساسي. كذلك، يُسجَّل أن فريقي رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ليسا متحمّسين لفكرة إعادة صياغة الورقة بهذا الشكل. أما حزب الله، بحسب المواقف الأخيرة لنائبه الشيخ نعيم قاسم، فيبدو أنه لا يرى أولوية حالياً لمناقشة ملف السلاح، مقارنة بما يعتبره أكثر إلحاحاً، مثل وقف الاغتيالات، وقف القصف، وانسحاب إسرائيل، وهي بنود يسعى الحزب إلى تحصيل ضمانات بشأنها قبل الخوض في ما تبقى.
وبحسب مصدر مطّلع على المشاورات، فإن النقاش الجاري حالياً “معقّد”، والسيناريو الذي يقضي بإقرار “ورقة الأجوبة اللبنانية” في مجلس الوزراء عبر قرار رسمي يبدو غير مرجّح. ذلك أن حزب الله، ومعه بري، يفضّلان تجنّب هذا المسار، انطلاقاً من وجود بيان وزاري سابق يتناول موضوع السلاح، ما يجعل من غير المجدي – بنظرهما – الالتزام باتفاق أو قرار إضافي.
في المقابل، ترى بعض الأوساط المقرّبة من الرؤية الأميركية في بيروت، أن إسرائيل، التي تراقب عن كثب، قد تلجأ إلى التصعيد العسكري – كما حصل في غارات النبطية الأخيرة – بإشارة أميركية، في محاولة للضغط من أجل دفع الأمور نحو اتفاق، أو للردّ على تعثّر التفاهمات.
حتى الآن، لا يبدو أن مسألة “تسليم سلاح المقاومة”، وفق الرؤية الأميركية - الإسرائيلية، مطروحة بشكل واقعي. وما يصدر عن قيادة حزب الله، يُوحي بأن الحزب مستعدّ للذهاب نحو موجة تصعيد جديدة، إذا ما فُرض عليه هذا الخيار.