عماد مرمل _خاصّ الأفضل نيوز
كشف الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في خطابه الأخير حول عملية يوم الأربعين أن المسيّرات التي هاجمت قاعدة غليلوت التجسسية والاستخبارية قرب مدينة تل أبيب، انطلقت من جنوب نهر الليطاني وشماله ومن البقاع.
ولئن كانت هذه الإشارة قد أتت في سياق سرد تفاصيل الرد وتكتيكاته الميدانية، إلا أنها تحمل أيضا دلالات أبعد من حدود عملية يوم الأربعين، وتتصل بتوازنات الجبهة اللبنانية مع العدو الإسرائيلي وما يُعد لها من مشاريع مستقبلية يراد تفصيلها على قياس مصالح العدو وأمنه.
من المعروف أن العدو الإسرائيلي يضغط منذ أشهر في اتجاه إخلاء المنطقة الحدودية من مقاتلي المقاومة وسحبهم الى شمال الليطاني حتى يتسنى له إعادة النازحين الصهاينة الى مستوطناتهم في الجليل، بعدما أصيب هؤلاء ب"متلازمة" 7 أوكتوبر وباتوا مسكونين بهاجس الخوف من وجود عناصر حزب الله على الحدود، بحيث أصبحت "العودة الآمنة" لهؤلاء مرتبطة بإبعاد شبح الحزب وقوته الى ما وراء الليطاني.
وقد حمل الموفدون الدوليون هذا المطلب الإسرائيلي الى بيروت، مرات عدة، حيث عمدوا الى "نصح" المسؤولين اللبنانيين والحزب بالقبول به، مع إرفاق النصيحة بجرعة تهويل، على قاعدة أن ما هو مطروح يحمي لبنان من مخاطر حرب شاملة ويسحب من إسرائيل الذريعة لشن مثل هذه الحرب.
بالطبع، فإن الحزب الذي يطمح الى العبور نحو شمال فلسطين المحتلة، لم يخضع إلى الضغط الذي يستهدف دفعه نحو التراجع في اتجاه شمال الليطاني، خصوصا أن موازين القوى الميدانية لا تسمح للعدو أصلا أن يتصرف كالمنتصر وهو أنه يواجه منذ عشرة أشهر حرب استنزاف منهكة له ولمستوطنيه على جبهة الإسناد اللبنانية.
لكن وبمعزل عن الموقف المبدئي للمقاومة برفض البحث في مبدأ الانسحاب من المنطقة الحدودية، خصوصًا أنها ابنة الأرض، فإن إشارة السيد نصرالله الى أن المسيّرات التي هاجمت الكيان انطلقت من شمال النهر وجنوبه ومن البقاع إنما تؤكد أنه لم تعد هناك من قيمة للمسافات في معادلات المقاومة التي باتت تمتلك من الأسلحة والقدرات ما يطوّع الجغرافيا ويذيب الكيلومترات.
وبناء عليه، يصبح مطلب انسحاب قوة الرضوان من جنوب الليطاني، ثمانية أو عشرة كيلومترات فارغًا من أي معنى أو جدوى على الأرض، بعدما ثبت بالتجربة أنه سيكون عاجزًا عن تحقيق الأمن لمستوطنات الجليل، الموجودة في مرمى المقاومة أينما وُجدت، سواءً خلف النهر أو أمامه.